الأربعاء، 24 يونيو 2009

محمد عبدالتواب عبدالملك ـ ضبط جودة التعليم

ضبط جودة التعليم
نقلاً عن محمود احمد محمود
إذا كانت قضية ضبط الجودة مهمة في المؤسسات الاقتصادية فإنها تعد أكثر أهمية في المؤسسات التربوية والنظم التعليمية بسبب ارتفاع تكلفة التعليم في ضوء معدلات التضخم العالمية، وسوء نوعية بعض المخرجات التعليمية، وضعف ارتباطها بسوق العمل، مما يؤثر سلبياً على معدلات التنمية وقدرة المجتمع على تحقيق طموحاته وأهدافه. وضبط جودة التعليم وسيلة للتأكد من أن العملية التعليمية والإدارة التربوية وتدريب المعلمين والإداريين، والتطوير التربوي في المؤسسات التعليمية، تتم جميعاً وفق الخطط المعتمدة والمواصفات القياسية. لذلك يرى بعض الباحثين أن تحقيق الجودة الشاملة للتعليم ينبغي أن يكون في إطار فلسفة تتضمن المبادئ التالية 1 - قيادة الإدارة التربوية لضبط جودة التقييم من أجل تقديم خدمات متميزة. 2 - مسؤولية كل فرد من أفراد المؤسسة التعليمية عن تحقيق الجودة الشاملة للتعليم فيما يخصة. 3 - استناد الأداء الوظيفي إلى منع حدوث الأخطاء. 4 - اعتماد مواصفات قياسية لجودة الأداء والتحقق من إنجازها. 5 - اكتساب ثقة المستفيدين من الخدمة التعليمية بتحسين جودتها. 6 - الاهتمام بتدريب الهيئة التدريبية والإدارية. 7 - يتبنى نظام متابعة لتنفيذ إجراءات التطوير والتجديد التربوي. 8 - تعزيز الانتماء إلى المؤسسات التعليمية والولاء إلى مهنة التعليم. فوائد ضبط الجودة في التعليم: يحقق ضبط جودة التعليم عدداً من الأهداف والفوائد لعل أبرزها ما يلي
1 - مراجعة المنتج التعليمي المباشر وهو الطالب من حيث العوائد المباشرة وغير المباشرة طويلة المدى وقصيرة المدى ذات التأثيرات الفردية والاجتماعية التي تعبر عن مجموعة التغيرات السلوكية والشخصية لدى الطالب مثل القيم والولاء والانتماء والدافعية والانجاز وتحقيق الذات. 2 - مراجعة المنتج التعليمي غير المباشر مثل التغيرات الثقافية والاقتصادية والتقنية والاجتماعية والسياسية التي يحدثها التعليم في المجتمع من خلال تنشئة أفراده ويؤثر بها في مستوى تقدمه ومدى تحضره. 3 - اكتشاف حلقات الهدر وأنواعه المختلفة من هدر مالي وهدر بشري وهدر زمني، وتقدير معدلاتها وتأثيرها على كفاءة التعليم الداخلية والخارجية. 4 - تطوير التعليم من خلال تقييم النظام التعليمي وتشخيص أوجه القصور في المدخلات والعمليات والمخرجات، حتى يتحول التقويم إلى تطوير حقيقي وضبط فعلي لجودة الخدمة التعليمية. سادساً: مجالات تطبيق الجودة الشاملة في المؤسسات التعليمية: إن المملكة العربية السعودية لها خصائصها الدينية واللغوية والاقتصادية والاجتماعية، وانتماؤها إلي الكتلتين العربية والإسلامية، وحرصها على الأخذ بنتاجات التطورات الحضارية الحديثة، وعنايتها الفائقة بنشر التعليم العام والعالي في أرجائها المختلفة، وتوجهها إلى تطبيق الجودة الشاملة في مؤسساتها التعليمية من أجل الإتقان والتميز ورفع مستويات الكفاءة الداخلية والخارجية لنظمها التعليمية. ومجالات الجودة الشاملة تشمل جميع مدخلات النظام التعليمي وعملياته ومخرجاته. ويشير أحد الباحثين إلي أن المحاور الرئيسية التي يتطرق إليها ضبط الجودة الشاملة في التعليم تتضمن جودة الإدارة التعليمية، والبرامج التعليمية، واللوائح والتشريعات، والمباني المدرسية وتجهيزاتها، والمستوى التحصيلي للطلاب، وجودة طرق التدريس، والكتب المدرسية، وكفاية الموارد المالية، وكفاءة الهيئة التعليمية والإدارية، وجودة تقييم الأداء غير أن بعض الباحثين يركز مجالات تطبيق الجودة الشاملة في التعليم في ثلاثة أبعاد هي
1 - تحديد احتياجات الطلبة وأولياء الأمور. 2 - الهيكل التنظيمي للمؤسسة التعليمية. 3 - الفلسفة الإدارية للمؤسسة التعليمية. وباستقراء أدبيات الفكر الإداري والتربوي يتضح أن هناك ثلاث مجالات جوهرية يركز عليها أي نموذج لتطبيق الجودة الشاملة في التعليم وهي (الهلالي، 1998، ص168): 1 - اهتمامات العملاء (الطلاب وأولياء أمورهم). 2 - المؤسسة التعليمية. 3 - القيادة التربوية. ويتناول الباحث فيما يلي هذه المجالات بشيء من التفصيل باعتبارها أهم المجالات التي يتطرق إليها تطبيق الجودة الشاملة للتعليم. 6/1 الاهتمام برغبات العملاء: مما لا شك فيه أن العاملين في المؤسسة التعليمية يقابلهم مستفيدين من الخدمة التعليمية، وأن حرص المؤسسة التعليمية على التعرف على هوية هؤلاء المستفيدين، وتلبية احتياجاتهم يعد من أهم ركائز النظام التعليمي لتطبيق الجودة الشاملة. ويرى أحد الباحثين أن تلبية احتياجات العملاء في أي مؤسسة -ومنها المؤسسات التعليمية- يتطلب الإجابة عن التساؤلات التالية
أ - من هم العملاء الحقيقيون لهذه المؤسسة التعليمية؟ ب - هل الطرق المستخدمة في قياس الأداء مناسبة؟ د - هل هناك حاجة لإجراءات تعليمية جديدة؟ ويرى بعض الباحثين أنه في ضوء فلسفة إدارة الجودة الشاملة توجد مجموعتان من العملاء، الأولى تضم العملاء الخارجيين الذين يستخدمون منتجات وخدمات المؤسسة، والأخرى تشمل العملاء الداخليين الذين يستخدمون منتجات وخدمات تأتي من أقسام أو وحدات أخرى داخل المؤسسة. وفي المؤسسات التعليمية يمثل المجموعة الأولى أولياء الأمور وغيرهم من ممثلي قطاع الأعمال ومسؤولي المؤسسات الحكومية في مجال الانتاج والخدمات. كما يمثل الطلاب والإدارة ورؤساء الأقسام والهيئة التعليمية والإدارية المجموعة الثانية. وهذا يستلزم بناء علاقات وطيدة مع كل القطاعات التي يمكن أن تؤثر في القدرة على تلبية احتياجات هؤلاء العملاء الداخليين والخارجيين من خلال ما يلي
أ - المقابلات الشخصية بين مقدمي الخدمة التعليمية والمستفيدين منها. ب - الاستماع الفعال للأداء والانتقادات الموجهة إلى النظام التعليمي. ج - العصف الذهني لاستقراء الاحتمالات والتغيرات المتوقعة. د - المسح الاجتماعي لتحليل اتجاهات الرأي العام. ورغم تصور بعض التربويين أن تلبية اهتمامات العملاء تعد أمراً سهلاً، إلا أنه في الحقيقة عملية معقدة. لذا يؤكد سيمور في هذا الشأن على أنه "إذا كان قيام مؤسسة ما بإقناع الناس باستخدام خدماتها أو منتجاتها يعد عملية مهمة، فالأهم والأصعب هو أن تحافظ المؤسسة على استمرار استخدام هؤلاء الناس لمنتاجتها وخدماتها، ولكي يحدث هذا يجب على المؤسسة أن تحدد العميل وتتصرف في ضوء متطلباته ورغباته" والاهتمام برغبات العملاء واكتساب ثقتهم في المنتج التعليمي يفرض على مؤسسات التعليم تطبيق معايير ونظم الجودة الشاملة في العملية التعليمية من حيث كفاءة برامجها، وتحسين طرق تدريسها وتنوعها، وتحديث مصادر معلوماتها وتقنياتها، وتفعيل أنشطتها الصفية والغير صفية، وتوطيد العلاقة بين الطلاب والمعلمين والإدارة وأولياء الأمور. 6/2 الاهتمام بكفاءة المؤسسة التعليمية: تعمل المؤسسة التعليمية بشكل متواصل لتوسع قدراتها على وضع تصور للمستقبل في إطار المتغيرات والتحديات التي تواجه المجتمع الذي تتواجد فيه، مما يعزز قدرات الطلاب على فهم العالم المحيط بهم، ومساعدتهم في تحقيق التكيف مع ظروفه ومتطلباته، والمساهمة في بناء تقدم المجتمع وحضارته
ويرى بعض الباحثين ضرورة توفير ثلاثة مكونات تحقق المؤسسة التعليمية كينونتها كمنظمة تعليمية وهي 1 - أن تحدث الإدارة التعليمية تغييراً في العقول. 2 - أن يكون لدى المؤسسة التعلمية توجه ابتكاري يشجع الطلاب على المبادرة بالتعامل مع المواقف بدلاً من انتظار حدوثها والتصرف حيالها بأسلوب رد الفعل. 3 - أن يكون لدى المؤسسة توجه نحو تعليم تفكير النظم System Thinking. وتعد مبادئ إدارة الجودة الشاملة أحد الأسس المهمة لتطبيق المؤسسات التعليمية لمعايير ونظم الجودة الشاملة ويتم ذلك من خلال ما يلي
1 - فهم رسالة المؤسسة التعليمية بوضوح وتحديد نماذج المخرجات (مواصفات الطلاب المتوقع تخرجهم) بشكل أفضل. 2 - تطبيق أفضل طرق التعليم والتدريس بشكل منظم. 3 - التطوير المستمر في مدخلات المؤسسة التعلمية وعملياتها ومخرجاتها لتتوافق مع المواصفات العالمية. 4 - تشكيل مجلس إدارة للجودة الشاملة وتحديد اختصاصاته. 5 - تدريب العاملين بالهيئتين التعليمية والإدارية على تطوير نظم الجودة وضبط فعاليتها وضمان استمراريتها. تفعيل القيادة التربوية: مما لا شك فيه أن القيادة التربوية تشكل عنصراً مهماً من عناصر تطبيق الجودة الشاملة في المؤسسات التعليمية. لذا يؤكد سينج Senge أن "العامل في المنظمة ليس هو المشكلة، ولكن المشكلة غالباً ما تتركز في الإدارة العليا"، ويضيف إلى ذلك أن "افتقاد القيادة يمثل عقبة أساسية في سبيل التطبيق الناجح لإدارة النظم
والقيادة من القضايا الإدارية المعقدة، لذلك تناولتها البحوث والدراسات بإسهاب وكثافة من الجانبين النظري والتطبيقي. وساعد ذلك على بلورة العديد من نظرات القيادة ونماذجها وأنماطها، بعضها يرتبط بالمدارس الكلاسيكية في الإدارة، وبعضها الآخر يرتبط بالمدارس الحديثة والمعاصرة في الفكر الإداري ومنها إدارة الجودة الشاملة
إن القيادة التربوية تتخذ شكلاً جديداً في إطار مفاهيم إدارة الجودة الشاملة، إذ تعمل على استثارة مجهود المعلمين من أجل تحقيق جودة التدريس وتحسين فعاليته، وهذا يتطلب من مديري المدارس ومديري الإدارات التعليمية توسيع قاعدة المشاركة في اتخاذ قرارات التطوير، وضبط الجودة الشاملة في المدارس، وتنظيم الحوافز، ودعم تنشيط قدرات الطلاب وتحسين أدائهم، وتوفير التنمية المهنية للمعلمين والإداريين، وإدراج برنامج الجودة الشاملة ضمن الاستراتيجيات التي تتبناها المؤسسات التعليمية وتطبيق الجودة الشاملة في المؤسسات التعليمية يتطلب من الإدارة التربوية استغلال الموارد المالية المحددة أحسن استغلال، وترشيد وتنويع مصادر التمويل، بحيث يشارك المستفيدون من خدمات مؤسسات التعليم في تمويل هذه الخدمات وتطويرها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق