الخميس، 14 مايو 2009


محمد عبد التواب عبد الملك
الفرقة الثانية دبلوم خاص
الجودة الشاملة ( 1 )
المقدمة :
إن التحديات العالمية المعاصرة ( عولمة الاقتصاد، إنتشار تقنية المعلومات، شبكات المعلومات Internet ، منظمة المواصفات العالمية ISO ، اتفاقية التجارة العالمية GATT... الخ) تحتم على المنظمات الاقتصادية إنتهاج الأسلوب العلمي الواعي في مواجهة هذه التحديات واستثمار الطاقات الإنسانية الفاعلة في ترصين الأداء التشغيلي والبيعي بمرونة أكثر كفاءة وفاعلية، ومن أكثر الجوانب الإدارية الهادفة إدارة الجودة الشاملة TQM والتي أصبحت الآن وبفضل الكم الهائل في المعلومات وتقنيات الاتصال سمة مميزة لمعطيات الفكر الإنساني الحديث سيما وأن الإدارة العلمية المعاصرة أسهمت بشكل حثيث في تطوير بنية المنظمات الاقتصادية بشكل كبير.
لقد أصبحت الجودة إحدى أهم مبادئ الإدارة في الوقت الحاضر. لقد كانت الإدارة بالماضي، تعتقد بأن نجاح الشركة يعني تصنيع منتجات وتقديم خدمات بشكل أسرع وأرخص، ثم السعي لتصريفها في الأسواق، وتقديم خدمات لتلك المنتجات بعد بيعها من أجل تصليح العيوب الظاهر فيها.
لقد غيرت مبادئ الجودة هذا المفهوم القديم واستبدلته كما يقول فايغونباوم "رئيس الأكاديمية الدولية للجودة" بمفهوم آخر يدعو إلى ما يلي: "إن تصنيع المنتجات بشكل أفضل، هو الطريق الأمثل الذي يؤدي إلى تصنيعها بشكل أسرع وأرخص".
نطاق البحث:
حيث أن إدارة الجودة الشاملة تدعو إلى:
- تحريك براعة ومواهب وقدرات جميع الموظفين والشركاء (المورِّدين والمتعهدين والزبائن) لشركة ما .
- إرضاء الزبائن الحاليين والمتوقعين ، مع المحافظة على التحسين المستمر لكل شئ قد يؤدي إلى زيادة هذا الرضا وزيادة الربح.
ومفهوم التسويق هو : تحديد احتياجات ورغبات المستهلكين ومن ثم تطوير المنتجات والخدمات التي تشبع هذه الرغبات والاحتياجات، من خلال العناصر الأربعة للمزيج التسويقي (إنتاج، توزيع، ترويج، تسعير).
نجد أن تطبيق مفهوم الجودة الشاملة على العملية التسويقية سيؤدي بالتأكيد لتحسين كفاءة وفاعلية المنشأة ومن ثم رفع قدرتها التنافسية وزيادة الأرباح.
ومن هذا المنطلق سأناقش من خلال هذا البحث مفهوم الجودة الشاملة وتأثيرة على كفاءة وفاعلية المنشأه.

المبحث الأول
ما هي الجودة ؟
1- تعريف الجودة :
الجودة كما هي في قاموس اكسفورد تعني الدرجة العالية من النوعية أو القيمة.
ولاكن بشأن إدارة الجودة الشاملة TQM لا يوجد ثمة تعريف متفق علية وذو قبول عام لدى المفكرين والباحثين, الى أن هناك بعض التعاريف التي أظهرت تصور عام لمفهوم TQM, فمثلا كانت اول محاولة لوضع تعريف لمفهوم إدارة الجودة الشاملة من قبل BQA ( منظمة الجودة البريطانية ) حيث عرفت TQM على أنها " الفلسفة الإدارية للمؤسسة التي تدرك من خلالها تحقيق كل من احتياجات المستهلك وكذلك تحقيق اهداف المشروع معاً". بينما عرفها العالم جون اوكلاند " على انها الوسيلة التي تدار بها المنظمة لتطور فاعليتها ومرونتها ووضعها التنافسي على نطاق العمل ككل ". أما من وجهة نظر امريكية فإن تعريف TQM يكون على الشكل التالي ( إدارة الجودة الشاملة هي فلسفة وخطوط عريضة ومباديء تدل وترشد المنظمة لتحقق تطور مستمر وهي اساليب كمية بالاضافة الى الموارد البشرية التي تحسن استخدام الموارد المتاحة وكذلك الخدمات بحيث ان كافة العمليات داخل المنظمة تسعى لأن تحقق إشباع حاجات المستهلكين الحاليين والمرتقبين ).
أما وفق Royal Mail فتعرف الجودة الشاملة على أنها الطريقة أو الوسيلة الشاملة للعمل التي تشجع العاملين للعمل ضمن فريق واحد مما يعمل على خلق قيمة مضافة لتحقيق إشباع حاجات المستهلكين.
ووفقاً لتعريف British Rail ways board فإن إدارة الجودة الشاملة هي العملية التي تسعى لأن تحقق كافة المتطلبات الخاصة بإشباع حاجات المستهلكين الخارجيين وكذلك الداخليين بالإضافة إلى الموردين. ولذا فقد حدد كول ( Cole,1995) مفهوم إدارة الجودة الشاملة ( بأنها نظام إداري يضع رضا العمال على رأس قائمة الأولويات بدلاً من التركيز على الأرباح ذات الأمد القصير، إذ أن هذا الإتجاه يحقق أرباحاً على المدى الطويل أكثر ثباتاً واستقراراً بالمقارنة مع المدى الزمني القصير).
كما عرفها تونكس( Tunks, 1992 ) بأنها اشتراك والتزام الإدارة والموظف في ترشيد العمل عن طريق توفير ما يتوقعه العمل أو ما يفوق توقعاته.
وقد عرفها أوماجونو (1991 Omachonu,) بأنها استخدامات العميل المقترنة بالجودة وإطار تجربته بها.
ولذا يمكن القول بأن إدارة الجودة الشاملة عبارة عن ( نظام يتضمن مجموعة الفلسفات الفكرية المتكاملة والأدوات الإحصائية والعمليات الإدارية المستخدمة لتحقيق الأهداف ورفع مستوى رضا العميل والموظف على حد سواء).
علماً بأن هناك توجهات فكرية تبناها مفكرون أمثال كروسبي وجابلونسكي وبروكاوبروكا تركز على النتائج النهائية التي يمكن تحقيقها من خلال إدارة الجودة الشاملة، والتي يمكن تلخيصها في أنها ( الفلسفة الإدارية وممارسات المنظمة العملية التي تسعى لإن تضع كل من مواردها البشرية وكذلك امواد الخام لأن تكون أكثر فاعلية وكفاءة لتحقيق أهداف المنشأة .
ومن خلال التعاريف السابقة نلاحظ ما يلي :
إن أهداف المنظمة قد تحتوي على رضا المستهلك وكذلك أهداف المشروع المختلفة مثل النمو، الربحية، والمركز التنافسي داخل السوق أو إدراك المجتمع للخدمات المقدمة.
إن المنظمة تعمل داخل المجتمع من خلال خدمته لذا فهي ذات حاجة إلى مفهوم عريض يتعلق بالمستهلك.
إن استخدام تلك المداخل يقع تحت مختلف المسميات ومنها:-
التطوير المستمر للجودة.
الجودة الشاملة.
إجمالي العمليات الإدارية للمشروع.
إدارة الجودة بمفهومها الواسع في المنظمة.
التكلفة الكفوءة والفاعلية الإدارية للجودة.
2- مفاهيم عن حقيقة "الجودة " :
ويعتبر تعبير ( نجاح طويل الأمد من خلال إرضاء الزبون) بحق هو قمة ما يفترض أن تحققة أدارة الجودة الشاملة ، غير أن العبارة لا تخبرك كثيراً بالتفاصيل . وعمومـاً يوجد على الأقل خمسـة مفاهيم عن حقيقـة "الجودة " وكل واحد منها مثير للنزاع وقابل للجدل والمناقشة .
- فائقــــــة : الجودة تعني التفوق ؛ تعرفها عندما تراها .
- قائمة على المنتَج : حيث تتعامل الجودة مع إختلافات في الجودة لبعض الخصائص أو الصفات المميَّزة . ويكون المنتج ذو الجودة العالية أصلب أو أكثر ليونة أو أكثر نعومة أو أكثر قوة .
- قائمة على المستخدم : تعني الجودة ملاءمة الإستخدام - أي قدرة المنتَج أو الخدمة على إرضاء توقعات وتفضيلات الزبائن .
- قائمة على التصنيع : تعني الجودة الإنسجام والمطابقة مع المتطلبات - الدرجة التي يلائم بها المنتج مواصفات تصميمه .
- قائمة على القيمة : فالمنتج ذو الجودة الأعلى هو المنتج الذي يُعطى الزبائن أقصى ما يمكن مقابل ما يدفعونه من أموال - أي المنتَج الذي يفي باحتياجات الزبائن بالسعر الأقل .
وفي الوقت الحاضر ، ليست الجودة مجرد تكنولوجيا بسيطة بل هى أيضاً فلسفة مشتركة .
3- جودة المنتج والسعر :- (1)
تعرف الجودة حسب مضمون المواصفة القياسية ISO 9000 لعام 2000 كما يلي:
"مجموعة الصفات المميزة للمنتج (أو النشاط أو العملية أو المؤسسة أو الشخص) والتي تجعله ملبياً للحاجات المعلنة والمتوقعة أو قادراً على تلبيتها" وبقدر ما يكون المنتج ملبياً للحاجات والتوقعات، نصفه منتجاً جيداً أو عالي الجودة أو رديئاً، يعبر عن الحاجات المعلنة في عقد الشراء أو البيع بمواصفات محددة للمنتج المراد شراؤه أو بيعه.
* من التعاريف الأخرى لجودة المنتج:
الجودة هي ملاءمة المنتج للاستعمال أو الغرض.
الجودة هي مطابقة المنتج للمتطلبات أو المواصفات.
الجودة هي قدرة المنتج على إرضاء الزبون.
من الضروري ربط مفهوم الجودة بالمضمون الاقتصادي حيث يصنع المنتج أو السلعة بشكل مربح بالنسبة للمصنع من جهة وبحيث يكون السعر بمتناول القدرة الشرائية للمستهلك من جهة أخرى.
ومن الضروري أيضاً ربط الجودة بحاجات المجتمع ذات الصلة بالصحة والسلامة والأمان والتي تمس الإنسان والبيئة.
وحيث أن الهدف الرئيسي للجودة هو إرضاء الزبون سواء كان داخل المؤسسة أو خارجها. يجب حشد كل الجهود في المؤسسة لتحقيق هذا الهدف.
تشكل الجودة والكلفة والإنتاجية المؤشرات الرئيسية لتقييم مدى نجاح المنتج. ولكن ما مدى تأثير هذه المؤشرات على إرضاء الزبون. وبكلام آخر ما هي أهمية هذه المؤشرات بالنسبة لموضوع إرضاء الزبون؟
تعتبر الجودة العامل الأهم بين المؤشرات الثلاثة السابقة بالنسبة لإرضاء الزبون، حيث أن الأخير يختار ويشتري ويستعمل منتجات أو خدمات تلبي احتياجاته أو أغراضه منها لفترة طويلة من الزمن بثقة ورضى عنها.
أما بالنسبة للسعر، فإن الزبون عند مقارنته بين جودة منتجين، يختار السعر الأرخص. في هذه الحالة على المصنع أن يميز بين السعر والكلفة وبأنهما مختلفان في الكمية والطبيعة. ذلك لأن تحديد الكلفة يتعلق بشكل رئيسي بعوامل ذات صلة بالمصنع نفسه، الذي صنع المنتج أما السعر، فيحدد تبعاً لمؤشرات خارجية ذات صلة بطلب الزبون واختياره للسلعة وحالة السوق وغيرها. غير أنه يمكن للمصنع أن يخفض تكلفة المنتج عن طريق اهتمامه بالجودة.
أما فيما يتعلق بالإنتاجية، فهي أمر يهم المصنع وحده وليس الزبون، وذلك لأن الأخير لا يهمه ذلك بل يهمه الحصول على منتج جيد وبسعر رخيص غير أن المصنع، بتحسنه للجودة في مؤسسته يمكنه أن يحسن الإنتاجية أيضاً. يقول "ديمنغ" بهذا الصدد ما يلي: "ترتفع الإنتاجية في المؤسسة إذا تحسنت الجودة لديها".
وبإيجاز نقول إن اهتمام المؤسسة بالجودة وتحسينها لها سيخفض التكلفة من جهة نتيجة لخفض العيوب والهدر ويحسن الإنتاجية لديها من جهة أخرى، نتيجة لتحسين العمليات فيها.
4- إدارة الجودة الشاملة:-
تعتبر إدارة الجودة الشاملة فلسفة إدارية لخلق إطار فكري وثقافة مشتركة تؤدي إلى إدارة أكثر تعقيداً وإلى التغيير والتحسين ، ويوضح الجدول التالي باختصار الفروق الأساسية بين الإدارة التقليدية وإدارة الجودة الشاملة .
الإدارة
وجه المقارنة
التقليديــــــــة
إدارة الجودة الشاملة
الهدف الأساسي
أرباح قصيرة الأمد
تلبية توقعات الزبائن
الموظفون
مورد باهظ الثمن
أصل إستراتيجي
الجودة
تعامل الجودة على أنها تكلفة
تعامل الجودة على أنها ربح
هدف الإدارة
النتائج
العمليات (تحسينها) والنتائج
الأسلوب
تخفيض التكاليف
تحسين الجودة (المحافظة على وزيادة عدد الزبائن)
التطلعات
الفردية
العمل الجماعي
وتؤدي إدارة الجودة الشاملة في بيئة إحتكارية إلى عائدات أكبر للإقتصاد الوطني بينما يكون الزبون في البيئة التنافسية والذي يزداد مدى إختياراته ليس ملكاً فقط ، بل "دكتاتوراً" ، من حيث المنتجات التي يحتاجها والسعر الذي سيدفعه . وفي هذه الظروف لات ؤدي إدارة الجودة الشاملة إلى زيادة العائدات على المستوى الوطني فقط ، بل تصبح عاملاً مهماً في بقاء المؤسسات وإستمراريتها.
ويسود إعتقاد عام بأن المؤسسات ستدوم للأبد ، ولكن الحقيقة مختلفة تماماً ، ففي بيئة تنافسية تكون المؤسسات مثل البشر ، لها دورة حياة محَّددة .
إدارة الجودة الشاملة هي عملية مستمرة لتحسين جودة المنتج والخدمة من خلال : (1)
إشراك الموظفين في العمل والمسئولية، حيث يقوم مفهوم TQM على أساس أن كل شخص في المنظمة هو جزء من فريق خدمة العميل.
إستخدام فرق العمل، حيث تقوم فرق العمل من المجالات الوظيفية المختلفة لحل أي مشكلة تطرأ على العمل، كما تقوم هذه الفرق للعمل لإعادة فحص ودراسة إجراءات الشركة.
الإقتداء بالنماذج ( أي المنشآت المميزة )، وذلك من خلال دراسة ممارسات المنافسين وغير المنافسين، إضافة لمقارنة الأداء مع المتميزين من المنظمات في أي مجال وفي أي مكان في العالم.

معلومات مرتدة عن الأداء بصفة مستمرة، وهي أساس برنامج التحسين المستمر في الأداء والجودة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال :
إستقصاء العملاء دورياً.
المتابعة المستمرة لمواعيد التسليم.
عدد مرات نفاذ المخزون.
أوقات الإنتظار. انتهى الجزء الأول من البحث وقريباً ساوافيكم بالجزء الثاني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق