الأحد، 10 مايو 2009

الجودة من منظور اسلامى


الجودة من منظور إسلامي
المقدمة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ... وبعد .
فإن الحرص على معرفة النظرة الإسلامية في ميادين الحياة العملية أمر محمود وتوجه مشكور سيما في ميادين الشركات والمؤسسات التي تعمل وفق الأسس الحديثة والنظريات المعاصرة، وتتعامل مع العالم الخارجي في هذه الميادين .وهذا التوجه يمكن أن يفسر ويفهم بعدة وجوه منها :
الرغبة في اكتشاف مدى صلة الإسلام بهذه الموضوعات والنظريات الحديثة، ومعرفة وجود ما يدل عليها أو يوجه إليها أو يتوافق معها أو يعارضها ويناقضها.
الرغبة في تأكيد عظمة الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان،والتزود بالمعلومات المعينة على إثبات ذلك.
الرغبة في تحقيق فائدة عملية وعلمية تضفي جديداً وتقدم مزيداً يستفيد منه العاملون باعتبارهم مسلمين أساساً .
الرغبة في تأسيس اتجاه يتنامى وتتم رعايته لتشكل النظرة والأصول الإسلامية زاداً مستمراً وتطويراً دائماً في المجالين العلمي والعملي .
وأي واحد من هذه المقاصد محمود على أن يكون مأخوذاً بجدية بعيداً عن مجرد الشكل واستكمال محاور اللقاءات والدراسات، مع ملاحظة تدرج هذه المقاصد وأن آخرها هو أفضلها وأشملها وأظهرها دلالة على الرغبة والجدية في التأصيل والاستفادة الحقيقية المستمرة، ولا شك أننا في المملكة العربية السعودية معنيون بذلك أكثر من غيرنا، ومنظور إلينا لنقدم النموذج الذي يحتذى.
وختاماً اذّكر بالنموذج المتميز الذي أخذت به المصارف والبنوك في ميدان الأسلمة واعتماد أحكام وآليات الاقتصاد الإسلامي الذي أثبت وجوده وكفاءته وتفوقه في المجال المادي والمعنوي .
مدخل في المفاهيم الأساسية للنظرة الإسلامية
إن معرفة موضوع ما من منظور إسلامي ليس مجرد ذكر لبعض الآيات والأحاديث والعمل على ليّ أعناق النصوص، والاعتساف في فهم المعاني والمقاصد، وأسوأ من ذلك أن يقدم الأمر وتعرض النظرية على أنها الأساس الصحيح والقاعدة الثابتة ومن ثم يكون العمل في البحث عن صحة الأساس وإثبات القاعدة من خلال نظرة إعجاب وتزكية مطلقة للأول،وتسخير واستغلال للثاني، ومن هنا قدمت هذه المفاهيم لتكون معالم وضوابط منهجية في هذه المسألة.
المدخل الأول : المدخل الاعتقادي :
إن المسلمين يعتقدون بأساسيات مهمة منها : (‌أ) كمال الإسلام : قال تعالى: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً[.
قال السعدي:"]اليوم أكملت لكم دينكم[ بتمام النصر، وتكمل الشرائع،الظاهرة والباطنة،الأصول والفروع،ولهذا كان الكتاب والسنة،كافيين كل الكفاية في أحكام الدين وصوله وفروعه".(تفسير السعدي2/242).
وقال سيد قطب:" فأعلن لهم إكمال العقيدة، وإكمال الشريعة معاً،فهذا هو الدين.. ولم يعد للمؤمن أن يتصور أن بهذا الدين – بمعناه هذا – نقصاً يستدعي الإكمال، ولا قصوراً يستدعي الإضافة، ولا محلية أو زمانية تستدعي التطوير أو التحوير.. وإلا فما هو بمؤمن، وماهو بمقر بصدق الله، وماهو بمرتض ما ارتضاه الله للمؤمنين، إن شريعة ذلك الزمان الذي نزل فيه القرآن هي شريعة كل زمان، لأنها بشهادة الله- شريعة الدين الذي جاء "للإنسان" في كل زمان وفي كل مكان، لا لجماعة من بني الإنسان، في جيل من الأجيال في مكان من الأمكنة، كما كانت تجيء الرسل والرسالات، الأحكام التفصيلية جاءت لتبقى كما هي، والمبادئ الكلية جاءت لتكون هي الإطار الذي تنمو في داخله الحياة البشرية إلى آخر الزمان، دون أن تخرج عليه، إلا أن تخرج من إطار الإيمان،والله الذي خلق الإنسان ويعلم من خلق، هو الذي رضي له هذا الدين، المحتوى على هذه الشريعة، فلا يقول : إن شريعة الأمس ليست شريعة اليوم، إلا رجل يزعم لنفسه أنه أعلم من الله بحاجات الإنسان وبأطوار الإنسان".(في ظلال القرآن2/843 ).
(‌ب) شمول الإسلام: قال تعالى: ] ما فرطنا في الكتاب من شيء [.
قال القرطبي :" أي ما تركنا شيئاً من أمر الدين إلا وقد دللنا عليه في القرآن، إما دلالة مبينة مشروحة، وإما مجملة يُتَلقى بيانها من الرسول e أو من الإجماع أو من القياس الذي ثبت بنص الكتاب، قال تعالى:] ونزّلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء[ وقال ]وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّل إليهم [وقال ]وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا [ فأجمل في هذه الآية وآية النحل ما لم ينص عليه مما لم يذكره، فصدق خبر الله بأنه ما فرط في الكتاب من شيء إلا ذكره إما تفصيلاً وإما تأصيلاً ".( تفسير القرطبي 6/420 )
وقال السعدي :" وقوله تعالى: ] ونزّلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء[ في أصول الدين وفروعه وفي أحكام الدارين وكل ما يحتاج إليه العباد، فهو مبين فيه أتم تبيين، بألفاظ واضحة ومعان جلية ".(تفسير السعدي4/230 )
المدخل الثاني : المدخل الفقهي :
(أ) أصول الفقه وقواعد الاستنباط :
إن كمال الإسلام وشموليته لجوانب الحياة المختلفة لا يعني أن أدلته من القرآن والسنة تتناول جميع التفاصيل وتستوعب كل الصور والأحوال، وهذا غير متصور، ولكن أصول الفقه علم كامل فيه أسس الاجتهاد وضوابط القياس وهو معرفة أدلة الفقه إجمالاً، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد (التصورات الأولية للمبادئ الأصولية ص16)، وفي أصول الفقه نقف مع الأدلة من حيث ثبوتها وحجيتها ودلالتها، وفيه الاستفادة من الأدلة بمعرفة طرق الاستنباط، وأحوال النصوص، وتعارض الأدلة، وأما حال المستفيد فالمراد به معرفة الاجتهاد وشروطه ونحو ذلك(التصورات الأولية للمبادئ الأصولية ص17-18)، ومن فوائده ( التمكن من معرفة الحكم الشرعي للحوادث والقضايا والأفعال التي تستجد بحسب الزمان والمكان (التصورات الأولية للمبادئ الأصولية ص20) .
فما لم يرد نصاً من القرآن والسنة فقد يؤخذ الحكم قياساً على أحكام وردت فيها، وقد يكون في المسألة إجماع ونحو ذلك، بحيث لا تنـزل نازلة ولا تكون حاجة إلا ويمكن من خلال الأدلة والأصول الوصول إلى حكمها.
(ب) المقاصد الشرعية والقواعد الفقهية:
إن الأحكام والتشريعات لها أهداف وغايات، والغايات الكبرى عامل مشترك لكثير من الأحكام، ومن ثم سميت بالمقاصد الشرعية، وهي : وهي المعاني الغائية التي اتجهت إرادة الشارع إلى تحقيقها عن طريق أحكامه . (قواعد المقاصد ص47)، وقال الشاطبي :" الأعمال الشرعية ليست مقصودة لأنفسها وإنما قُصد بها أمور أخرى هي معانيها، وهي المصالح التي شرعت لأجلها" . ( الموافقات 2/385).
كما أن الأحكام التفصيلية في دائرة معينة يمكن أن تندرج تحت قاعدة كلية تعبّر عن الأساس الذي تضمنه الحكم، ومن ثم سميت بالقواعد الفقهية، والقاعدة الفقهية هي قضية شرعية عملية كلية يُتعَرفُ منها أحكام جزئياتها . (القواعد الفقهية ص53).
ومن خلال فهم المقاصد ومعرفة القواعد مع ما سلف من العلم بأصول الاجتهاد والاستنباط، تتشكل الآلية العملية المستمرة القادرة على استيعاب المستجدات والتعامل معها وإعطائها الأحكام الشرعية المناسبة .
المدخل الثالث : المدخل الواقعي :
(أ‌) المعرفة العامة :
إن واقعية الإسلام تقتضي من أتباعه عموماً وأهل العلم والاختصاص منهم خصوصاً أن يعيشوا عصرهم ويعرفوا واقعهم، وأن يحسنوا الانتفاع من الجديد المفيد، وأن يحسنوا الإقناع بترك المفسد الوليد، وقد قال e :" الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها "، وقد اتخذ e الخاتم على الكتب والرسائل، وخندق في الجهاد والمعارك كالفرس .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :"فإن ذكر ما لا يتعلق بالدين مثل الحساب والطب المحض التي يذكرون فيها ذلك انتفاع بآثار الكفار والمنافقين في أمور الدنيا فهذا جائز، فأخذ علم الطب من كتبهم مثلاً الاستدلال بالكافر على الطريق واستطبابه بل هذا أحسن لن كتبهم لم يكتبوها لمعين من المسلمين حتى تدخل فيها الخيانة وليس هناك حاجة إلى أحد منهم بالخيانة بل هو مجرد انتفاع بآثارهم كالملابس والمساكن والمزارع والسلاح ونحو ذلك" (الفتاوى4/114-115).
قال الخطيب البغدادي :" إن الفقيه يحتاج أن يتعلق بطرف من معرفة كل شيء من أمور الدنيا والآخرة، وإلى معرفة الجد والهزل، والنفع والضر وأمور الناس الجارية بينهم والعادات المعروفة منهم " (الفقيه والمتفقه ).
واستناداً إلى ما مضى فإنه ينبغي لأهل العلم أن تكون معرفتهم الواقعية المعاصرة معرفة جيدة ومتواصلة ليكون أقدر على تصور المسائل وحسن الإجابة عليها .
(ب‌) المعرفة الخاصة :
إن هذا العصر عصر التخصص الدقيق الذي استقلت فيه العلوم بعضها عن بعض، وتفرع كل علم إلى أقسام أكثر تخصصاً، وما يزال العصر يفرز تخصصات جديدة تنتمي لأمهات العلوم، بل يحمل لنا علوماً جديدة مستقلة، ولما كان الحكم على الشيء فرع عن تصوره كان لابد عند التعرض لبيان حكم أو نظرة الإسلام اتجاه علم أو تخصص أو نظرية بعينها أن تتم المعرفة الخاصة بذلك .
قال ابن القيم :"والواجب شيء والواقع شيء، والفقيه من يطبق بين الواقع والواجب" (إعلام الموقعين 4/220).
وبّين الجويني :" أن الناس يفزعون عند معرفة أحوال الناس وتقديم بعضهم على البعض إلى الاختصاصات ودقائق الزيادات في حسن الفضل وكمال الحال ". (المعيار المعرب 6/351).
قال الدكتور فتحي الدريني :" إذا كان من المقرر بداهة أن طبيعة الاجتهاد: عقل متفهم ذو ملكة مقتدرة متخصصة، ونص تشريعي مقدس يتضمن حكماً ومعنى يستوجبه، أو مقصداً يستشرف إليه، وتطبيق على موضوع النص أو متعلق الحكم، ونتيجة متوخاة من هذا التطبيق: فإن كل أولئك يكون نظرياً ما لم تكن الواقعة أو الحالة المعروضة قد دُرست درساً وافياً، بتحليل لعناصرها، وظروفها وملابساتها، إذ التفهم للنص التشريعي يبقى في حيز النظر، ولا تتم سلامة تطبيقه إلا إذا كان ثمة تفهم واع للوقائع بمكوناتها وظروفها، وتبصّر بما عسى أن يسفر عنه التطبيق من نتائج، لأنها الثمرة العملية المتوخاة من الاجتهاد التشريعي كله"(مقدمة كتاب المناهج الأصولية في الاجتهاد بالرأي ص5).
إن توافر هذه المداخل يؤسس لمنهج سديد في معرفة نظرة الإسلام تجاه موضوع ما، فانطلاقاً من عقيدة راسخة بكمال الإسلام وشموله لجوانب الحياة كلها ينشأ يقين جازم واعتزاز شامخ بهذا الدين لا يكون معه تميع فكري ولا هزيمة نفسية، وينضم إلى ذلك علم أصيل بالأدلة والمقاصد الشرعية والقواعد الكلية يستخرج من كنوزها ما يبين الأصل الشرعي للمصالح، ويكشف المنحى الخفي للمفاسد، ويكمل ذلك معرفة واعية بالواقع وتركيز خاص على موضع ومسألة البحث فتتم بذلك نظرة شاملة متوازنة تجمع بين الأصالة الشرعية والاستجابة الواقعية .
الجودة تعريفات ومصطلحات
الجودة في اللغة:
الكلمة أصلها الاشتقاقي : ( ج و د ) وهو أصل يدل على التسمح بالشيء وكثرة العطاء (معجم المقاييس 1/493).
والجواد : السخي، وقيل : هو الذي يعطي بلا مسألة صيانة للآخر من ذل السؤال .
ومن اشتقاقاته : الجيد : ضد الرديء .
وجاد الشيءُ، يجود جودةٌ ، وجودةً : صار جيداً .
وقد جاد جود، وأجاد : أتى بالجيد من القول أو الفعل .
ويقال أجاد فلان في عمله وأَجْوَدَ، وجاد عمله يجود جودةً .
ورجل مجيد : أي يجيد كثيراً .
وبيّنُ الجودةِ : أي رائعٌ .( تاج العروس 4/403-404).
ويقال هذا شيء جَيِّدٌ : بيّن الجُودة والجَودة .
وجاد الفرس : أي صار رائعاً يجود جُودةً . ( لسان العرب 3/135-136).
وهكذا نرى أن المعنى اللغوي يتضمن ما يلي :
العطاء الواسع والأداء الجيد الذي يبلغ حداً فائقاً .

المرادفات :
الإتقان :
الأصل الاشتقاقي ( ت ق ن ) يدل على إحكام الشيء، ( معجم المقاييس 1/350)
والإتقان : الإحكام للأشياء .
ورجل تِقْنٌ وتَقِنٌ متقن للأشياء: حاذق . ( لسان العرب 13/73).
والتقن الرجل الحاذق، وأيضاً : رجل من الرماة يضرب بجودة رميه المثل .(تاج العروس 18/88).
وهكذا نرى أن المعنى اللغوي يتضمن ما يلي :
الحذق وإحكام الأشياء وجودة الأداء .
الكفاءة :
الأصل الاشتقاقي ( ك ف ا ) يدل على الحسب الذي لا مستزاد فيه .
يقال : كفاك الشيء يكفيك، وقد كفى كفاية إذا قام بالأمر ( معجم المقاييس 5/188).
وهكذا نرى أن المعنى اللغوي يتضمن ما يلي :
القيام بالأمر قياماً حسناً لا مزيد عليه .
الجودة في الاصطلاح :
تعريف الجمعية الأمريكية لضبط الجودة : الجودة هي مجموعة من مزايا وخصائص المنتج أو الخدمة القادرة على تلبية حاجات المستهلكين . ( الجودة في المنظمات الحديثة ص16).
إدارة الجودة الشاملة في تعريف معهد الجودة الفيدرالي هي : منهج تطبيقي شامل يهدف إلى تحقيق حاجات وتوقعات العميل باستخدام الأساليب الكمية من أجل التحسين المستمر في العمليات والخدمات. ( الجودة في المنظمات الحديثة ص17).
تعريف جوزيف جابلونسكي : إدارة الجودة الشاملة هي شكل تعاوني لإنجاز الأعمال يعتمد على القدرات والمواهب الخاصة بكل من الإدارة والعاملين لتحسين الجودة الإنتاجية بشكل مستمر عن طريق فرق العمل.(إدارة الجودة الشاملة 2/27).
والفرق بين الاثنين ( أن التركيز على الجودة عملية مؤقتة في الغالب بينما إدارة الجودة الشاملة هي عملية طويلة الأجل لا تأخذ الصفة المؤقتة وإنما تأخذ البعد الاستراتيجي بحيث توجه كل الخطط الإنتاجية والتسويقية والمالية والإدارية بالاتجاه الذي يخدم هذا البعد الاستراتيجي) ( الجودة في المنظمات الحديثة ص19) .
والتركيز والتعامل التطبيقي هو لإدارة الجودة الشاملة ، وهي موضوع الحديث .
مفاهيم أساسية في الجودة الشاملة :
ثقافة الشركة هي التصور التراكمي للطريقة التي تعامل الشركة بها الأفراد، والطريقة التي يتوقعها الأفراد في تعاملهم مع بعضهم البعض، وتعتمد الثقافة على أفعال الإدارة المتواصلة والثابتة، والتي يلحظها الموظفون والبائعون والعملاء بمرور الوقت.(جون أركوهارت) (أساسيات إدارة الجودة الشاملة ص51).
إدارة الجودة الشاملة لابد أن تكون جزءاً أساسياً من فلسفة الشركة، وهي ليست ملحقة بالشركة ، ولكنها الأساس الذي تقوم عليها الشركة.(أساسيات إدارة الجودة الشاملة ص4)
إدارة الجودة الشاملة تعبر عن أسلوب القيادة الذي يُنشئ فلسفة تنظيمية تساعد على تحقيق أعلى درجة ممكنة من الجودة والخدمات. (أساسيات إدارة الجودة الشاملة ص2).
إدارة الجودة الشاملة يجب أن تنبع وتكون من مسئوليات الإدارة العليا ، ويكون موقعها القمة ( إدارة الجودة الشاملة 1/55 ) .
إن العامل الوحيد لتطبيق إدارة الجودة الشاملة – ببساطة شديدة – هو التزام جميع أفراد الشركة. تنجح إدارة الجودة الشاملة عندما يريد الأفراد ذلك ، وللأسف فإنها تفشل عندما لا يظهر الأفراد عزمهم والتزامهم بمبادئها .( أساسيات إدارة الجودة الشاملة ص4) .
يحتاج التطبيق الناجح لإدارة الجودة الشاملة إلى جهود مدروسة ومتناسقة وشاملة من جميع أفراد الشركة. ( أساسيات إدارة الجودة الشاملة ص 83).

1. تعتبر إدارة الجودة الشاملة بمثابة التزام شامل نحو أداء الأعمال بشكل صحيح ،2. (إدارة الجودة الشاملة 1/40) .
3. إدارة الجودة الشاملة مبنية على أداء الأعمال بشكل صحيح من أول مرة والوقاية من الأخطاء (إدارة الجودة الشاملة 1/44 ) .
·
- فلسفة إدارة الجودة الشاملة أن الجودة ليست هدفاً محدداً نحققه ونحتفل به ثم ننساه،- بل تعبر الجودة عن هدف متغير والهدف هنا هو تحسين الجودة باستمرار . (أساسيات إدارة الجودة الشاملة ص3).
- تعتبر الجودة الشاملة بمثابة عملية مستمرة للأبد،- وليس هناك أبداً وقت تنتهي عنده عندما تصبح الجودة سليمة بنسبة 100% فهناك دائماً طرق جديدة لأداء الأشياء في مجالي الإنتاج والخدمات (إدارة الجودة الشاملة 1/43).
إدارة الجودة الشاملة نظام متكامل موجه نحو كسب ولاء العملاء في الحاضر والمستقبل من خلال اعتماد على التعاون من قبل جميع الأفراد داخل المنظمة والتزام إدارتها العليا بالتغيير نحو برنامج إدارة الجودة الشاملة، والتحسينات المستمرة في الإنتاج ، والاعتماد على العملاء في تحديد وتعريف الجودة ، والتعامل الإنساني مع العاملين لما يحقق رضاهم ( الجودة في المنظمات الحديثة ص 46،47).
ترجع معظم حالات الفشل في تطبيق إدارة الجودة الشاملة إما على عدم الإيمان بمبادئها وإما على عدم الالتزام من قبل الإدارة العليا بالمشروع . (أساسيات إدارة الجودة الشاملة 83).

خلاصة المفاهيم الأساسية لإدارة الجودة الشاملة :
يمكننا القول أن الجودة الشاملة تتضمن جوانب أساسية هي :
4. ثقافة فكرية .
5. إيجابية نفسية .
6. ممارسة معيارية .
7. مشاركة جماعية .

1- ثقافة فكرية : إن الجودة الشاملة ليست مجرد قرارات تعمم، ولا أنظمة تصدر ، ولا مقاييس تعتمد، وإنما هي مع ذلك وبقدر أكبر ثقافة فكرية تقتنع بها العقول، وتؤمن بإيجابيتها، وتصبح من البدهيّات المسلمة.
والخلاصة أن الجودة الشاملة هي الثقافة التي يقتنع بها جميع العاملين في المنشأة .
ويمكننا القول أن جوهر هذه الثقافة يرتكز على :
أهمية العمل والإتقان .
جدوى الشورى والتعاون .

2- إيجابية نفسية : إن الجودة الشاملة ليست مجرد قناعة عقلية ، ولا معرفة علمية، ولا خبرة عملية، وإنما هي مع ذلك وبقدر أكبر مشاعر نفسية ترضى بها النفوس، وتتحفز بها الهمم، وتتقد بها الحماسة، وتصبح من الطبيعة النفسية العملية.
والخلاصة أن الجودة الشاملة روح حيوية إيجابية متنامية في نفوس جميع العاملين .
ويمكننا القول أن جوهر هذه المشاعر النفسية يرتكز على :
التحفز النفسي السامي .
الرضا النفسي المتبادل .

3- ممارسة معيارية : إن فلسفة الجودة الشاملة تقوم على وضع معايير دقيقة لجميع الأعمال والعمليات التي تقدم المنتجات والخدمات، ويشمل ذلك معايير التصميم ثم معايير الإنتاج ثم معايير الأداء، وقد تأسست معايير عالمية مختلفة قامت عليها مؤسسات ضخمة، ووضعت لها جوائز كبرى.
والخلاصة أن الجودة الشاملة معايير منضبطة وعالية تتم مراجعتها وتطويرها باستمرار .

ويمكننا القول أن جوهر هذه المعيارية ترتكز على :
المعلومات والخبرات المتراكمة .
الرقابة والمراجعة المتنامية .
4- مشاركة جماعية: إن الجودة الشاملة ليست قسماً خاصاً، ولا أفراداً معدودين أو موظفين متخصصين، بل تشمل جميع العاملين بلا استثناء، وتؤكد الجودة الشاملة على أن بداية نجاحها يكون من تطبيق القيادة العليا لمتطلباتها، أي أن القيادة هي النموذج والقدوة في حمل شعار الجودة الشاملة قناعة واستهدافاً وعملاً .
والخلاصة أن الجودة الشاملة مشاركة جماعية تنتظم فيها القيادة مع جميع العاملين على حد سواء .
ويمكننا القول أن جوهر هذه المشاركة ترتكز على :
المسؤولية الفردية في العمل الجماعي .
القدوة النموذجية في القيادة العليا .

ومضات إسلامية في المفاهيم الأساسية :
العمل والإتقان :
تعريف العمل : العمل هو كل جهد مشروع يبذله الإنسان ويعود عليه أو على غيره بالخير والفائدة والمنفعة سواء أكان هذا الجهد جسمياً كالحرف اليدوية أو فكرياً كالتعليم والقضاء .
الحث على العمل : قال تعالى: ] وَقُلْ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّه عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ [.
الثمرة العظمى للعمل : قال تعالى :] اُدْخُلُوا الْجَنَّة بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [.
المدح والثناء على العمل: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ:" كَانَ زَكَرِيَّا نَجَّارًا" ( رواه مسلم ).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ النَّبِيِّ e قَالَ:" مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ فَقَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ" ( رواه البخاري ).
القيمة الحياتية للعمل : عن هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ" ( رواه البخاري )
وعَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا كَسَبَ الرَّجُلُ كَسْبًا أَطْيَبَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ (رواه ابن ماجه).
التوجيه العملي للعمل : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ e يَسْأَلُهُ فَقَالَ أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ قَالَ بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ قَالَ ائْتِنِي بِهِمَا قَالَ فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ e بِيَدِهِ وَقَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ قَالَ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ وَقَالَ اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ e عُودًا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ"( رواه أبوداود).
الإتقان في العمل : قال e :" إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ".
قال e :" إن الله يحب من العامل إذا عمل أن يحسن ".
عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ e قَالَ :" إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ " رواه مسلم .
الشورى والتعاون :
الأمر بالشورى والتعاون : قال تعالى : ] وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ [.
وقال تعالى :] وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [
الشورى والتعاون من صفات المؤمنين : قال تعالى :] وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ [.
عَنْ أَبِي مُوسَى t عَنْ النَّبِيِّ e قَالَ:"الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ"(رواه البخاري).
القدوة العظمى في الشورى والتعاون : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:"مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ مَشُورَةً لِأَصْحَابِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ e ".(رواه الترمذي ).
عَنْ عُرْوَةَ وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ عَائِشَةَ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا قَالَتْ نَعَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e يَخْصِفُ نَعْلَهُ وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ".(رواه أحمد ).
التحفز النفسي السامي :
الدعوة إلى المسارعة إلى الخيرات:قال تعالى:]فاستبقوا الخيرات[ وقال تعالى:]وسارعوا[ وقال تعالى:]سابقوا إلى مغفرة من ربكم[وقال تعالى: ] وفي ذلك فليتنافس المتنافسون [ .
بيان المنازل والمراتب العليا : قال تعالى:] ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ [.
الحفاظ على الروح العالية حتى النهاية : قال تعالى:]وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [.
عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e :" إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ" ( رواه مسلم )
التربية على الروح العالية وبيان منافعها : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e :" مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ ".(رواه البخاري).
عن رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ e فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي سَلْ فَقُلْتُ أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ قَالَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ قُلْتُ هُوَ ذَاكَ قَالَ فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ" (رواه مسلم).
وقال e :" من سأل الشهادة بصدق بلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه ".
وقال e :" ما من امرئٍ تكون له صلاة بالليل فغلبه عليها نومٌ إلا كُتب له أجر صلاته وكان نومه صدقة عليه".
وقال تعالى:{من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا}.

التحفز النفسي السامي :
العمل من أجل التآلف والرضى المتبادل : قال تعالى:] فبما رحمة من الله لنت لهم ولوكنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك [.
بيان المنة والنعمة في التآلف والرضى المتبادل : قال تعالى:] واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا [.
وقال تعالى:] وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم [.
القدوة العظمى والحرص على التآلف والرضى المتبادل :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ :" لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ e مَا أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا فِي قُرَيْشٍ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ وَجَدَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِمْ الْقَالَةُ حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الْحَيَّ قَدْ وَجَدُوا عَلَيْكَ فِي أَنْفُسِهِمْ لِمَا صَنَعْتَ فِي هَذَا الْفَيْءِ الَّذِي أَصَبْتَ قَسَمْتَ فِي قَوْمِكَ وَأَعْطَيْتَ عَطَايَا عِظَامًا فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنْ الْأَنْصَارِ شَيْءٌ قَالَ فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَنَا إِلَّا امْرُؤٌ مِنْ قَوْمِي وَمَا أَنَا قَالَ فَاجْمَعْ لِي قَوْمَكَ فِي هَذِهِ الْحَظِيرَةِ قَالَ فَخَرَجَ سَعْدٌ فَجَمَعَ النَّاسَ فِي تِلْكَ الْحَظِيرَةِ قَالَ فَجَاءَ رِجَالٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ فَتَرَكَهُمْ فَدَخَلُوا وَجَاءَ آخَرُونَ فَرَدَّهُمْ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا أَتَاهُ سَعْدٌ فَقَالَ قَدْ اجْتَمَعَ لَكَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ ثُمَّ قَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ مَا قَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَلَمْ آتِكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ اللَّهُ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ قَالُوا بَلْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ قَالَ أَلَا تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ قَالُوا وَبِمَاذَا نُجِيبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَلَصَدَقْتُمْ وَصُدِّقْتُمْ أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ وَعَائِلًا فَأَغْنَيْنَاكَ أَوَجَدْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلَامِكُمْ أَفَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ e فِي رِحَالِكُمْ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا وَسَلَكَتْ الْأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْأَنْصَارَ وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ قَالَ فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ وَقَالُوا رَضِينَا بِرَسُولِ اللَّهِ قِسْمًا وَحَظًّا ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ e وَتَفَرَّقْنَا". ( رواه أحمد ).
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قَالَتْ فَقُلْتُ مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ فَقَالَ أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قُلْتِ لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ قَالَتْ قُلْتُ أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ".( رواه البخاري ).
المعلومات والخبرات المتراكمة :
جمع المعلومات والإحصاءات: عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ e :" فَقَالَ أَحْصُوا لِي كَمْ يَلْفِظُ الْإِسْلَامَ قَالَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَخَافُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ مَا بَيْنَ السِّتِّ مِائَةٍ إِلَى السَّبْعِ مِائَةٍ قَالَ إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ أَنْ تُبْتَلَوْا قَالَ فَابْتُلِيَنَا حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا لَا يُصَلِّي إِلَّا سِرًّا".( رواه مسلم ).
الاستفادة من التجربة في تلافي الأخطاء : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ".( رواه البخاري ).
التأكيد على الإيجابيات ونفي السلبيات : عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ". ( رواه البخاري),
الرقابة والمراجعة المتنامية :
تربية الرقابة الذاتية : وتعد الرقابة الذاتية واحدة من أهم الأدوات التي يرتكز عليها الدين الإسلامي في الرقابة على الأموال العامة، فالرقابة الذاتية هي الشعور بمعية الله ورقابته في كل الأحوال مصداقاً لقوله تعالى: ] ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد [ .
تربية الرقابة في دوائر المسؤولية : قال e:" أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ "رواه مسلم) .
شمول الرقابة : عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
المسؤولية الفردية في العمل الجماعي .
فردية المسؤولية : قال تعالى :] كل نفس بما كسبت رهينة [.
عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e :"كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا" ( رواه مسلم ).
عظمة المحاسب :قال تعالى :] هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيهِمْ اللَّه فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور [.
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e :" مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ".( متفق عليه )
الحساب بلا شفاعة : قال تعالى :] فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [.
وقال تعالى :] يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ [.
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ النَّارَ فَبَكَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ فَهَلْ تَذْكُرُونَ أَهْلِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ فَلَا يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَدًا عِنْدَ الْمِيزَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَيَخِفُّ مِيزَانُهُ أَوْ يَثْقُلُ وَعِنْدَ الْكِتَابِ حِينَ يُقَالُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ يَقَعُ كِتَابُهُ أَفِي يَمِينِهِ أَمْ فِي شِمَالِهِ أَمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ وَعِنْدَ الصِّرَاطِ إِذَا وُضِعَ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ ".( رواه أبوداود وأحمد والحاكم ).
الحساب دقيق : قال تعالى:] وَنَضَع الْمَوَازِينَ الْقِسْط لِيَوْمِ الْقِيَامَة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين [.
الحساب شامل : قال تعالى : ] إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً [.
وقال تعالى:] فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون [.
القدوة النموذجية في القيادة العليا .
القدوة في النبي e : قال تعالى:] لقد كان لكم في رسول اله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً[.
قال e :" خُذُوا عَنِّي مَنَاسِككُمْ " .(رواه مسلم).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ e قَالَ :" إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ أُعَلِّمُكُمْ"(رواه النسائي وابن ماجة وأحمد).
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا قَالَ وَجَدْنَاهُ بَحْرًا أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ ". (رواه مسلم ).
القدوة في حياة الخلفاء الراشدين : خطبة أبي بكر الصديق t عندما بويع بالخلافة .
خطبة عمر بن الخطاب t عندما بويع بالخلافة .
التوصيات
العناية بتقوية الجوانب المعنوية المتصلة بالجودة الشاملة من المصادر الإسلامية لدى جميع الأفراد بلا استثناء .
إيجاد استشارة شرعية دورية للتزويد بالمواد الإسلامية التربوية المفيدة في التزام وحماس العاملين، أو إيجاد نواة قسم دائم لهذا الغرض .
الاستفادة من تجارب القطاعات العسكرية في أقسام الشؤون الإسلامية والمعنوية، وكذلك المستشفيات التي استحدثت أقساماً للتوعية الإسلامية والشرعية .
العمل على التطوير الذاتي للجودة الشاملة بجهود علمية متخصصة مع استفادة من الطاقات الشرعية، وعدم الاكتفاء بأخذ والاستخدام النظريات والتطبيقات من الآخرين .
الانتباه إلى غلبة العنصر المادي والكسب الدنيوي على العنصر الإنساني والأخلاقي في كثير من النظريات والتطبيقات .
الحرص على المشاركة للبعد العلمي الإسلامي في مثل هذه المنتديات .
المراجع
القرآن الكريم .
تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي .
تفسير السعدي .
في ظلال القرآن لسيد قطب .
صحيح البخاري.
صحيح مسلم.
سنن الترمذي .
سنن أبو داود.
سنن ابن ماجة .
مسند أحمد .
الموافقات للشاطبي .
القواعد الفقهية للباحسين .
فتاوى شيخ الإسلام بن تيمية .
الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي .
إعلام الموقعين لابن قيم الجوزية .
التصورات الأولية للمبادئ الأصولية د. موسى القرني .
تاج العروس لمحمد المرتضى الزبيدي .
لسان العرب لابن منظور .
معجم مقاييس اللغة لابن فارس .
الجودة في المنظمات الحديثة لمأمون الدرادكة وطارق الشبلي .
إدارة الجودة الشاملة لفيليب أتكنسون و جوزيف جابلونسكي وجون مارش .
أساسيات إدارة الجودة الشاملة لريتشارد ل. ويليامز .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق